الثّورة في الفلسفة

جدليّة الثورة المضادّة: التراجيديا والثورة في الثامن عشر من برومير
ربيكا كوماي
٢٧ سبتمتر ٢٠٢١، ١٧:٠٠

لم تسلك ثورة حزيران عام 1848 الاتجاه الذي كان يفترض بها اتّخاذه. وبأثرٍ رجعيّ، تسببّت هزيمة العمال على يد البرجوازيين الذين كان يفترض أن يكونوا حلفاءهم بدفق من الهزائم المتوالية. لم يعد بالإمكان النظر إلى الثورة الفرنسية العظمى عام 1789 (ولا حتى الحداثة نفسها) باعتبارها نصفًا غير منجز لمشروعٍ انتهى العمل عليه، أو وعدًا لم يتحقّق بعد، أو فكرة في انتظار تنفيذها، ولا فصلًا أوّلًا لمسرحيّة من فصلين. كان هذا ما راهن عليه ماركس: ثورة جمهوريّة سياسية في البداية، ثم تتبعها ثورة اجتماعيّة تحقق لها خلاصها. أوّلًا ليبرالية، ثمّ ديمقراطيّة حقيقية. ولكنّ هزيمة حزيران التي أسماها ماركس "المهزلة" بيّنت أنّ العباءة الثوريّة لا تمرّ بشكل تلقائي، على الأقلّ ليس من بين يدي البرجوازيّة إلى أكتاف البروليتاريا، وأن التحوّل من الليبرالية إلى الديمقراطية الفعلية لن يكون سلسًا. علينا إعادة التفكير في التحوّل الثوري برمّته، فالخلاص السياسي وحده لا يمكن أن يؤسّس للتغير الاجتماعي أو أن يشكّل مقياسًا له.

طرحت كارثة حزيران إشكالية فلسفية أيضًا، فقد حيّدت جانبًا الثقة بفكرة تقدّميّة التاريخ وعالميّته، وبالإيمان بأن التاريخ هو حركة تحرّر حتميّة آخذة بالتمدّد. مشكلت هذه الكارثة أيضًا كلّ المفاهيم التي صوّرت الحريّة باعتبارها شيء يمكن تملّكه وحيازته، أو باعتبارها مصلحة يمكن تحقيقها عبر المطالبة بها، أو يمكن ادّخارها وتوزيعها وتقسيمها. لم يعد بالإمكان التفكير بالحريّة باعتبارها ممتلكًا يمكن مراكمته عبر الأجيال، أو مطّه جغرافيًا من المركز إلى الأطراف، أو من المناطق الميتروبوليتانية إلى المناطق الهامشيّة. خلخلت هذه الإشكاليّة كلّ النماذج التي تتعامل مع الجدليّة باعتبارها خلاصًا ميكانيكيًّا. وأبرزت مجدّدًا سؤال هيغيليّة ماركس. ستمتدّ صلاحيّة هذه الأسئلة إلى ما بعد عام 1848، وما وراء فرنسا، وما بعد حياة ماركس.

سنقرأ في هذه الجلسة مقاطع من كتاب الثامن عشر من برومير لويس بونابرت لماركس، وسنتناول عبرها مواضيع تتعلّق بالتاريخ والحريّة والصراع الثوري في زمن الثورة المضادّة.

ريبيكا كوماي، بروفيسور في الفلسفة والأدب المقارن، عضو في برنامج الأدب والنظريّة النقدية. وعضو مشارك في دائرة اللغات الجرمانيّة والأدب. تتضمّن اهتماماتها البحثيّة هيغيل والفلسفة الألمانية في القرن التاسع عشر، الماركسية، التحليل النفسي، والفن المعاصر. تعمل حاليًا على مشروع بعنوان "مَسرَحة الجدليّة"، عن النظرية المسرحية بعد هيغيل. كما تؤلّف كتابًا حول زمانيّة المواعيد النهائيّة.

ورشة فلسفة - مبادرة تطوعيّة ذاتيّة التنظيم قائمة في فلسطين. تنظّم مجموعة من المحاضرات التفاعلية والورش حول مواضيع في الفلسفة، وتهدف إلى خلق فرصة تعلّم فلسفي جماعي وعامّ، بالإضافة إلى تقديم طرق تفكير فلسفية في القضايا المُعاصرة.

ملك عفونة - عضوة هيئة تدريسية في قسم الفلسفة والدراسات الثقافية في جامعة بيرزيت، ومؤسّسة مبادرة ورشة فلسفة. حاصلة على درجة الماجستير بالأدب والفلسفة من جامعة ساسكس.

هذه الندوة جزء من سلسلة محاضرات أونلاين بعنوان "الثّورة في الفلسفة" بتنظيم من قبل ملك عفونة ضمن "ورشة فلسفة" خلال شهر سبتمبر ٢٠٢١.

دار يوسف نصري جاسر للفن والبحث
شارع الخليل، بيت لحم، الضفة الغربية

+970 2 274 3257 :هاتف رقم  
 
بتنسيق مسبق فقط